فيكون شريكا في مقام الرسالة ، وفي إجراء وتنفيذ هذا البرنامج الكبير ، إلّا أنّه يتبع موسى على كل حال ، فموسى إمامه ومقتداه.
وفي النهاية يبيّن نتيجة هذه المطالب فيقول : (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) وتعلم حاجاتنا جيدا ، ومطّلع على مصاعب هذا الطريق أكثر من الجميع، فنحن نطلب منك أن تعيننا على طاعتك ، وأن توفقنا وتؤيدنا في أداء واجباتنا ومسئولياتنا الملقاة على عاتقنا.
ولما كان موسى لم يهدف من طلباته المخلصة هذه إلّا الخدمة الأكثر والأكمل ، فإنّ الله سبحانه قد لبى طلباته في نفس الوقت (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى).
إنّ موسى في الواقع طلب كل ما كان يلزمه في هذه اللحظات الحساسة الحاسمة التي يجلس فيها لأوّل مرّة على مائدة الضيافة الإلهية ويطأ بساطها ، والله سبحانه كان يحب ضيفه أيضا ، حيث لبّى كل طلباته وأجابه فيها في جملة قصيرة تبعث الحياة ، وبدون قيد وشرط ثمّ وبتكرار اسم موسى أكمل له الاستجابة وحلاوتها وأنزال كل إبهام عن قلبه ، وأي تشويق وافتخار أن يكرر المولى اسم العبد؟
* * *
بحوث
١ ـ شروط قيادة الثورة
لا شك أنّ تبديل البنية في نظام المجتمعات البشرية ، وتغيير القيم المادية والملحدة إلى القيم المعنوية والإنسانية ، وخاصّة إذا كان الطريق يقع في طريق الفراعنة العنودين ، ليس بالعمل الهين ، بل يحتاج إلى استعداد روحي وجسمي ، وقدرة على التفكير ، وقوة في البيان ، واستمرار الإمدادات الإلهية ، ووجود