اليابسة وفي قلب الحصاري والبراري؟
لذلك تقول الآية (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ) ثمّ أضافت : (أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) ، حيث تغشيكم عاصفة محمّلة بالحصى والحجارة وتدفنكم تحتها ولا تجدون من ينقذكم منها (وفي ذلك من العذاب ما هو أشدّ من الغرق في البحر).
إنّ المتجولين في الصحاري وأهل البوادي يدركون أكثر من غيرهم رهبة هذا التهديد الرّباني والوعيد القرآني ، إذ يعرفون كيف تؤدي ثورة الكثبان الرملية في الصحراء إلى دفع الرمال والأحجار إلى غير مواقعها لتشكّل تلالا تدفن في ثناياها وبطونها قوافل الجمال ومن عليها.
بعد ذلك تضيف الآية مذكّرة أمثال هؤلاء بأنّكم هل تظنون أنّ هذه هي المرّة الأخيرة التي تحتاجون فيها إلى السفر في البحر : (أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) ، أي لا أحد حينئذ يطالب بدمكم ويثأر لكم منّا.
* * *
بحوث
١ ـ الشّخصية المتقلّبة
إنّ الكثير من الناس لا يذكرون الله إلّا عند بروز المشاكل. وينسونه في الرخاء ، إنّ نسيان الله في حياة هؤلاء هو القاعدة والأصل ، أي أنّه صار طبيعة ، ثانية لهؤلاء ، لذا فإنّ ذكر الله بالنسبة لهؤلاء والالتفات إلى وقائع الحياة الحقّة تعتبر حالة استثنائية في وجودهم ، تحتاج في حضورها إلى عوامل إضافية ، فما دامت هذه العوامل الإضافية موجودة فهم يذكرون الله ، أمّا إذا زالت فسوف يرجعون إلى طبيعتهم المنحرفة وينسون الله.