الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بوعد الله تعالى : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ) (١) ، لأنّ طبيعة الباطل الفناء والدمار : (إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً). فللباطل جولة ، إلّا أنّه لا يدوم والعاقبة تكون لانتصار الحق وأصحابه وأنصاره.
* * *
بحوث
١ ـ صلاة اللّيل عبادة روحية عظيمة
إنّ التأثيرات المختلفة لضوضاء الحياة اليومية تؤثر على الإنسان وعلى أفكاره وتجرّه إلى وديان مختلفة بحيث يصعب معها تهدئة الخاطر ، وصفاء الذهن ، والحضور الكامل للقلب في مثل هذا الوضع. أمّا في منتصف الليل وعند السحر عند ما تهدأ هذه ضوضاء حياتية المادية ، ويرتاح جسم الإنسان ، وتهدأ روحه بعد فترة من النوم ، فإنّ حالة من التوّجه والنشاط الخاص تخالج الإنسان ، في مثل هذا المحيط الهاديء والبعيد عن كل أنواع الرياء ، مع حضور القلب ، يعيش الإنسان حالة خاصّة قادرة على تربيته وتكامل روحه.
لهذا السبب نرى أن عباد الله ومحبيه يتوقون إلى التعبّد منتصف الليل ، لأنّه يزكّي أرواحهم ، ويحيي قلوبهم ، ويقوي إرادتهم ، ويكمل إخلاصهم.
وفي بداية عصر الإسلام كان الرّسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يستفيد من هذا البرنامج الروحي في تربية المسلمين ، وكانت يبني شخصياتهم بحيث كانوا يتغيّرون تماما عمّا كانوا عليه في السابق، يعني أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يجعل منهم شخصيات جديدة ذات إرادة قوية وشجاعة ، ومؤمنين ذوي إخلاص ونقاء.
وقد يكون (المقام المحمود) الذي ورد ذكره في الآيات أعلاه نتيجة لصلاة
__________________
(١) (زهق) من مادة «زهوق» بمعنى الاضمحلال والهلاك والإبادة ، و (زهوق) على وزن «قبول» صيغة مبالغة وهي تعني الشيء الذي تمت إبادته بالكامل.