على هذه الحالة الصادقة حتى النهاية (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ). ثمّ الاعتماد على قدرة الخالق جلّ وعلا ، والاعتماد على النفس ، وترك أي اعتماد أو تبعية للأجانب (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً).
وبهذا الشكل فليست هناك أية سياسية تؤثر في الإنتصار كما في الصدق والإخلاص، ليس هناك أي اعتماد أفضل من الاعتماد على الخالق والاستقلال وعدم التبعية.
كيف يريد المسلمون أن ينتصروا على الأعداء الذين قاموا بغصب أراضيهم وصادروا مصادرهم الحياتية في حين أنّهم مرتبطون بأعدائهم في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية؟ هل نستطيع أن ننتصر على العدو بواسطة السلاح الذي نشتريه منه؟
٤ ـ حتمية انتصار الحق وهزيمة الباطل
نواجه في الآيات أعلاه أصلا تاما ، وأساسا آخر ، وسنة إلهية خالدة تزرع الأمل في قلوب أنصار الحق ، هذا الأصل هو أنّ عاقبة الحق الإنتصار ، وعاقبة الباطل الاندحار، وأنّ للباطل صولة وبرق ورعد ، وله كر وفر ، إلّا أن عمره قصير ، وفي النهاية يكون مآله السقوط والزوال .. الباطل كما يقول القرآن : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) (١).
والدليل على هذا الموضوع كامن في باطن كلمة الباطل ، حيث أنّه لا يتفق مع القوانين العامّة للوجود ، وليس له من رصيد من الواقعية والحقيقة.
إنّ الباطل شيء مصنوع ومزوّر ، ليست له جذور ، أجوف ، والأشياء التي لها صفات كهذه ـ عادة ـ لا يمكنها البقاء طويلا.
أمّا الحق فله أبعاد وجذور متناسقة مع قوانين الخلق والوجود ، ومثله ينبغي
__________________
(١) الرعد ، ١٧.