تبعيضية كذلك ، وهي بذلك تشير إلى النزول التدريجي للقرآن ـ خاصّة وأنّ (ننزل) فعل مضارع ـ لذا فإنّ معنى الجملة يكون : (إنّنا ننزل القرآن وكل قسم ينزل منه ، هو بحدّ ذاته ولوحده يعتبر شفاء ورحمة) (فتدبرّ جيدا).
٢ ـ الفرق بين الشّفاء والرّحمة
إنّ (الشفاء) هو في مقابل الأمراض والعيوب والنواقص ، لذا فإنّ أوّل عمل يقوم به القرآن في وجود الإنسان هو تطهيره من أنواع الأمراض الفكرية والأخلاقية الفردية منها والجماعية.
ثمّ تأتي بعدها مرحلة (الرحمة) وهي مرحلة التخلّق بأخلاق الله ، وتفتّح براعم الفضائل الإنسانية في أعماق الأفراد الذين يخضعون للتربية القرآنية.
بعبارة أخرى : إنّ الشفاء إشارة إلى (التطهير) و (الرحمة) إشارة إلى (البناء الجديد). أو بتعبير الفلاسفة والعارفين ، فإنّ الأولى تشير إلى مقام (التخلية) بينما الثّانية تشير إلى مقام (التحلية).
٣ ـ الظّالمون ونصيبهم من القرآن
ليس في هذه الآية القرآنية وحسب ، بل في الكثير من الآيات الأخرى ، نقرأ أنّ الظالمين يزداد جهلهم وبؤس حالهم ، بدل الاستفادة من نور الآيات الإلهية!!
إنّ ذلك يعود إلى أنّ وجودهم قائم بالأساس على قواعد الكفر والظلم والنفاق ، لذلك فإنّهم أين ما يجدون الحق يحاربونه ، وهذه الحرب للحق وأهله تزيد فى بؤسهم وتقوي روح الطغيان والتمرّد عندهم.
فإذا أعطينا ـ مثلا ـ وجبة طعام متكاملة لعالم مجاهد ، فإنّه سيستفيد من تلك الطاقة لأجل التربية والتعليم والجهاد في طريق الحق ، أمّا إذا أعطينا نفس وجبة الطعام هذه إلى شخص ظالم ، فأنّه سيستفيد من هذه الطاقة في تموين قدرة الظلم