إنّ الأيس بمعنى الوجود ، ولعلّ أوّل من استعمله هو الفيلسوف الكندي ، وقد اشتهر في الفلسفة الإسلاميّة أنّ الممكن من ذاته أن يكون ليس ، ومن علّته أن يكون أيس ، وإن كانت هذه الكلمة في التعبير عن مكانة الممكن تعبيراً غير دقيق ، لأنّ معناه ، أنّ الممكن من ذاته يقتضي العدمَ ، وهذه علامة الممتنع لا الممكن ، فالممكن لا يقتضي من صميم ذاته أحدَ الشيئين ، الأيس والليس.
وعلى كلّ تقدير فهؤلاء يستنكرون وصفه سبحانه بالأيس ، المرادف للوجود.
وقد استدل عليه الداعي الكرماني بوجه مبسّط نأخذ منه ماله صلة بصميم الموضوع ، وحاصل ما ذكره يرجع إلى أمرين :
الأوّل : لمّا كان الأيس ـ في كونه أيساً ـ محتاجاً إلى ما يستند إليه في الوجود ، وكان هو ـ عزّ كبرياؤه ـ متعالياً عن الحاجة فيما هوهو إلى غير ، به يتعلق ، ما به هوهو ، كان من ذلك الحكم ، بأنّه تعالى خارج عن أن يكون أيساً ، لتعلّق كون الأيس أيساً بالذي يتأوّل عليه الذي جعله أيساً ، واستحالة الأمر في أن يكون هو تعالى أيساً ، ولا هو يحتاج فيما هوهو إلى غير به هوهو ، فيستند إليه ، تكبّر عن ذلك وتعزّز وتعالى علوّاً كبيراً.
فإذا كان هو عزّ وعلا غير محتاج فيما هوهو إلى غير ، به يتعلّق ، ما به هوهو ، فمحال كونه أيسا.
وحاصل هذا الوجه مع تعقيده في التعبير ، يرجع إلى أمر واضح ، وهو أنّه لو كان موصوفاً بالوجود ، فبما أنّ الصفة غير الموصوف ، يحتاج في وصفه به إلى الغير ، وهو تعالى غني عمّا سواه.
ولو كان ما جاء به
الكرماني مذهباً للإسماعيليّة فهو يُعرب عن عدم نضوج الفلسفة اليونانية في أوساطهم ، فهؤلاء يتصوّرون أنّ الوجود أمر عارض على