والاستدلال مبني على أنّه صوّر للواجب ماهيّة بين كونها جوهراً أو عرضاً ، والجوهر جسماني أو نفساني ، أو عقلائي ، والفروض كلّها باطلة ، لأنّ القائل بكونه وجوداً ، وأيسا ، يقول : هو والوجود متساويان ؛ الواجب = الوجود.
ولا يذهب عليك أنّ الفرض الرابع ، وهو كونه موجوداً بالفعل مردداً بين كونه فاعلاً في ذاته ، أو فاعلاً في غير ، لا يخلو عن تعقيد وغموض.
ثمّ إنّ الداعي ذكرَ وجهاً ثالثاً لعدم كونه سبحانه أيساً ، ليس له قيمة تذكر ، فمن أراد فليرجع إليه. (١)
يقول الداعي الإسماعيلي علي بن محمد الوليد : إنّ وضع التسمية عليه محال ، إذ كانت التسمية إنَّما جعلت وسماً يوسم بها المخلوقات ، ليكون الخلق بها فصولاً فصولاً ، يتميّز بها كلّ صورة عن الصورة الأُخرى ، حتى ينحفظ كلّ صنف منها ، ويمكن للعقل الحكاية عنها إذا دعت الحاجة إليها ، فيكون بذلك ظهور أشكال العالم في أيّ تسمية وسم بها ، وهو متعال ، ليس له صورة نفسانية ، ولا عقلية ، ولا طبيعيّة ، ولا صناعيّة ، بل يتعالى بعظيم شأنه ، وقوّة سلطانه عن أن يوسم بما يوسم به أسباب خلقته ، وفنون بريته ، وقد اتفقت فحول العلماء على أنّه تعالى لم يزل ولا شيء معه ، لا جوهراً ولا عرضاً. (٢)
ولا يذهب عليك ، أنّ عنوان البحث غير منطبق على ما جاء فيه ، فلو كان العنوان من جانب المؤلّف ، وإلّا فالعنوان يهدف إلى شيء ، وما ورد فيه إلى شيء آخر ، فإنّ تسمية الله سبحانه أمر اتّفق عليه كافّة أهل التوحيد ، ومراده هو نفي
______________________
١. راحة العقل : ٤٠.
٢. علي بن محمد الوليد : تاج العقائد ومعدن الفوائد : ٢٦.