لمّا ذهبت الإسماعيليّة إلى نفي الصفات عنه سبحانه ، مع أنّ الكتاب والسنّة مليئان بهما ، لم يكن لهم بُد من إرجاع تلك الصفات إلى المبدع الأوّل ، الذي هو الموجود الأوّل ، وإليه تنتهي الموجودات ، وهو الصادر عنه سبحانه بالإبداع ، لا بالفيض والإشراق ، كما عليه إخوان الصفا. (١)
قال الداعي علي بن محمد الوليد : إنّ الباري تعالى وتقدّس لمّا تعاظم عن أن يُنال بصفة توجد في الموجودات ، لقصور الموجودات عن وصفه بما تستحقه الإلهيّة ، جعل موجوداً أوّلاً تتعلّق الصفات به ، عطفاً ورحمةً ومنّة على عقول عباده أن تهلك وتضل ، إذا لم تستند إلى ما تقف عنده ، فتوقع الصفات عليه ، فجعل للعالم مبدأ مبدعاً ، وهو الأوّل في الوجود من مراتب الموجودات ، وكان المبدع حق لوجوده عن المتعالى سبحانه ، غاية تنتهي إليها الموجودات.
ثمّ إنّه أفاض الكلام في صفاته ، وعرّفه بكونه : موجوداً حقاً واحداً ، تامّاً ، باقياً ، عاقلاً ، عالماً ، قادراً ، حيّاً ، فاعلاً.
ثمّ قال : الحياة ذات جامعة لهذه الأُمور وبها هي فاعلة. (٢)
وقال الداعي الكرماني في هذا الصدد :
« فالإبداع هو الحقّ والحقيقة ، وهو الوجود الأوّل ، وهو الموجود الأوّل ، وهو الوحدة ، وهو الواحد ، وهو الأزل ، وهو الأزلي ، وهو العقل الأوّل ، وهو المعقول الأوّل ، وهو العلم ، وهو العالم الأوّل ، وهو القدرة ، وهو القادر الأوّل ، وهو الحياة ، وهو الحيّ الأوّل ، ذات واحدة ، تلحقها هذه الصفات ، يستحق بعضها لذاته ، وبعضها بإضافةٍ إلى غيره ، من غير أن تكون هناك كثرة بالذات.
______________________
١. رسائل اخوان الصفا : ٣ / ١٨٩ ، طبعة بيروت.
٢. علي بن محمد الوليد : تاج العقائد ومعدن الفوائد : ٤٠ ـ ٤١.