٢
عقيدتهم في العدل
قد تعرّفت في البحث السابق على أنّهم لا يصفونه سبحانه بوصف ، ويعتقدون أنّه فوق الوصف ، وأنّ غاية التوحيد نفي الوصف ، وإثبات الهوية ، ولهذا لا تجد عنواناً لهذا الفصل في كتبهم حسب ما وصل بأيدينا ، ولكن يمكن استكشاف عقيدتهم في عدله سبحانه من خلال دراستهم لفعل الإنسان ، وهل هو إنسان مسيّر أو مخيّر ؟
يقول الداعي علي بن محمد الوليد : الإنسان مجبور في حال تركيبه ، ورزقه ، ومدّته ، وحركات طبائعه ، والكيان بنشوئه ، وما يحدث عليه مقهور عليه مغيّب عن إدراكه وعيانه ، ليكون مفتقراً بالدعاء والتضرّع إلى خالقه ، إذ لو كشف له لفسد حاله. ومخيّر غير مجبور فيما يعتقد لنفسه ، من علومه ، وصناعته ، ومذاهبه ، و معتقداته.
إلى أن قال : ولولا ذلك لما كانت لها منفعة بإرسال الرسل ، وقبول العلم ، وتلقي الفوائد والانصياع لأوامر الله تعالى ، إذ لو كانت مجبورة لاستغنت عن كلّ شيء تستفيده.
ثمّ استدلّ بآيات منها قوله تعالى : ﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴾ (١) إلى غير ذلك من الآيات. (٢)
______________________
١. النجم : ٣٩ ـ ٤٠. |
٢. تاج العقائد : ١٦٦ ـ ١٦٨. |