إنّ القضاء والقدر من العقائد الإسلاميّة التي لا محيص لمسلم عن الاعتقاد بهما ، غير أنّ البحث فيهما ينصّب على نكتة مهمة وهي هل أنّهما يسلبان الاختيار أو لا ؟
فالظاهر من أهل السنّة ، إلّا مَنْ شذَّ ، تفسيرهما على وجه يسلبان الاختيار ، على خلاف ما ذهبت إليه العدليّة.
والإسماعيليّة تُثبت القضاء والقدر حقيقةً لا مجازاً ، ولكنها تُنفي كونهما سالبين للاختيار.
يقول الداعي علي بن محمد الوليد : القضاء والقدر حقيقة لا مجاز ، ولهما في الخلق أحوال على ما رتب الفاعل سبحانه ، من غير جبر يلزم النفوس الآدمية الدخول إلى النار أو الجنة.
إلى أن قال : إذ لو كان كذلك لذهبت النبوات والأوامر المسطورات في الكتب المنزّلة ، في ذم قوم على ما اقترفوه ، ومدح قوم على ما فعلوه.
ثمّ إنّه فسّر القضاء بمعنى الفراغ ، والأمر ، والخبر ، والفعل ، والوصيّة ، وأرجع الجميع إلى معنى الفراغ.
وأمّا القدر : فقد فسّره بأنّه من المقدار ، والتقدير ، والترتيب ، ثمّ جعل له تفاسير ثمانية ، ومن أراد فليرجع إليه. (١)
وقد نقل في آخر الفصل رسالة الحسن البصري إلى الحسين بن علي عليهماالسلام يسأله عن القضاء والقدر ، كما نقل جواب الإمام إليه ، وقد جاءت هذه الرسالة أيضاً في كتاب « تحف العقول » للحلبي الحراني مع اختلاف يسير.
______________________
١. تاج العقائد : ١٧٩.