وكلّ واحد منهم رسول ناطق ، يتقدّمه إمام مقيم ويتلوه الأئمة الأساس ـ المتم ـ المستقر ـ المستودع ـ وهم يتعاملون مع القائم الذي يبتدأ به الدور ، أعني : محمد بن إسماعيل ، معاملة الرسول الناطق ، ولا يشترط أن يكون في كلّ دور إمامٌ مستودعٌ ، فإنّه إنّما يتسلّم شؤون الإمامة في الظروف الاستثنائية ، وكأنّه ينوب عن الإمام المستقر كما سيتضح معنى ذلك.
ولا يخفى أنّ في صميم العقائد الإسماعيليّة تناقضاً وتعارضاً ، فمن جانب نراهم يصرّحون بخاتميّة النبوة والرسالة ، وأنّ القرآن حجّة خالدةً إلى يوم القيامة ، وأنّه لا ينسخ القرآن إلّا بالقرآن. (١)
ومع ذلك فمحمد بن إسماعيل ، المعبّر عنه بالقائم عندهم من النطقاء (٢) ، ولأجل إيضاح ذلك سوف نبحث عن عقيدتهم في الإمامة إن شاء الله.
قال علي بن محمد الوليد : إنّ المعجزات التي ترد وقت إظهار الشرائع من الرسول حقيقية ، وإنّها على ثلاثة أقسام :
الأوّل : خرق العادة في تكوين العالم بظهور ما يعجز العقل عن وجوده من الأُمور الطبيعية ، من ردّ ما في الطبيعة عن قانونه المعهود لقهر العقول ، ودخولها تحت أمر المعقولات ، ومن أجله يعلم أنّه متصل بالفاعل ، الذي لا يتعذّر عليه متى أراد ، إذ كلّما في العالم لا يتحرك إلّا بمادته وتدبيره.
الثاني : ما يأتي به الشخص المبعوث من النطق المنسوب إلى من أظهر له المعجزات ، وأعجز كافّة أهل الدور عن الإتيان بمثله.
______________________
١. تاج العقائد : ٩٨.
٢. وقد مرّ كلامهم في ذلك ص ٩٢. وما علقنا عليه فلاحظ.