توحيده لباريه. (١)
أقول : ولا يذهب عليك أنّ الإمام على هذا أفضل من النبي كما هو أفضل من الوصي ، لأنّ الإمام جامع للمنقبتين ظاهر الشريعة وباطنها ، إلّا إذا كان النبي رسولاً فهو جامع أيضاً للمنقبتين ، ولا أدري من أين لهم هذه الضوابط والقواعد ، وما هو الدليل على هذا التقسيم ؟!
يُعْتقد أنّ الوصي إنّما يوصيه الرسول على معالم شريعته ، وأسرار ملّته ، وعيون هدايته ، وحقيقة أقواله ، وحفظ أسراره ، فإذا قام بها ومضى إلى دار كرامته استحال قيام وصي ثان بعده ، لأنّ الشريعة لم تتغير ، ولا ذهبت فتأتي أوامر جديدة تحتاج إلى من يوصّى بحفظها والقيام بمعانيها وضبط أحوالها ، فلهذا كان انقطاع الوصية بعد مضي الوصي الذي خلّفه الرسول في العالم. (٢)
يُعْتقد : انّ الإمامة مستمرة الوجود في الأدوار جميعها ، من أوّلها إلى آخرها ، لأنّ الإمام هو الوارث لما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الشرع والوصي على البيان ، لكونه حافظاً في الأُمة على الهداية التي ورثها منهما ، ولمّا كان أمر الرسول والوصي جارياً على أهل الدور من أوّله إلى آخره ، كان من ذلك حفظ درجة الإمامة على الدور بالاستمرار ، والتوالي ، إذ لم يبق زيادة تستجد فتحتاج إلى منزلة مستجدة ، فكانت هداية موروثة منسوبة إلى أصل الدور ، ومعلم الشريعة والبيان ، فلا تزال هذه
______________________
١. تاج العقائد : ٦٦.
٢. المصدر نفسه : ٦٨.