إنّ الإمام لا تجوز غيبته عن الأُمة بوجه ، ولا بسبب ، وإن حدثت فترة فتكون خواص شيعته على اتصال به ويعرفون مقامه ، ويدلّون من خلصت نيته إلى مقره.
والغيبة لا تخلو من ثلاث خصال :
١. أن تكون غيبته من قبل الله.
٢. أن تكون من قبل نفسه.
٣. أن تكون من قبل الناس وخيفة من أعدائه.
فباطل أن تكون الغيبة من قبل الله ، لأنّ ذلك لا يليق بالحكيم العادل.
وإذا رجعنا إلى نفسه فلا نجدها من قبلها ، لأنّه معصوم من الخطايا وفرض ولايته يوجب حضوره .
وإن كان من قبل الناس ، فقد شكّ في دين الله ، لأنّ الله نصبه وتكفل إيصال الهداية إلى الأُمة به ، وعرّفه أنّه لا يخرج من العالم حتى يورث مقامه هادياً مثله.
إذن فليس لخوفه من الناس وجه.
إلى أن قال : والإمام هو الحاكم بين عباد الله ، الموهوب له الحكم من الحكيم الخبير والنائب في خلافته على الخلق ، الوارث الأرض ، والمتصرف بأحكامها ولا يجب زواله ولا عدمه بوجه من الوجوه. (١)
أقول : إنّ المراد من الغيبة ليس هو الغيبة عن عالم الوجود كما تصوّره ذلك الكاتب ، بل المراد من الغيبة هو الغيبة عن أعين الناس ، فهو يبعث بين الناس فيعرفهم ولا يعرفونه ، لا أنّه يخرج من الدنيا ويعيش في عالم آخر يباين ذلك العالم ،
______________________
١. تاج العقائد : ٦٩ ـ ٧٠.