أقول : إنّ ما ذكره من أنّ الأرض لا تخلو من حجة لله حق ، ولكن السبب ليس ما جاء في كلامه من إقامة الحدود ، وحفظ المراسم ، ومنع الفساد ؛ فإنّ ذلك يقوم به سائر الولاة أيضاً ، وإنّما الوجه انّه الإنسان الكامل وهو الغاية القصوىٰ في الخلقة ويترتب على وجود ذلك الإنسان الكامل بقاء العالم بإذن الله سبحانه وآخره لحصول الغاية وإلى ذلك يشير الحديث النبوي :
« أهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ». (١)
وقوله : صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : « إنّي وأحد عشر من ولدي وأنت يا علي رزّ الأرض ـ أعني أوتادها وجبالها ـ بنا أوتد الله الأرض أن تُسيخ بأهلها فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا ». (٢)
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون ». (٣)
وقال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة إمّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً ». (٤)
ويُعتقد انّ منع المبتدي عن الكلام في الدين ، صفات ، واقتداء بأفعال الله ، وذلك انّ الله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل الطفل يتكلم عند خروجه وولادته ، وإنّما تأخر عن الكلام لحكمة أوجبها لتكون لأبويه عنده فضيلة التنطيق ، والتلقين ، والتعليم ، وكذلك المبتدي يمنع من المجادلة ، والنطق بما يشق على غيره ،
______________________
١. الشريف الحضرمي : رشفة الصادي : ٧٨ ، الصواعق المحرقة : ٢٣٣ ـ ٢٣٤.
٢. الغيبة : ٩٩ ، عنه البحار : ٣٦ / ٢٥٩ ح ٧٩.
٣. الصواعق المحرقة : ١٥٠.
٤. نهج البلاغه : ٤٩٧ ، قسم الحكم ، الحكمة رقم ١٤٧.