واستناداً إلى نظرية المثل والممثول يجب أن يكون في العالم الأرضي عالم جسماني ظاهر يماثل العالم الروحانيّ الباطن. (١)
إنّ الإسماعيليّة استخدمت في تطبيق تلك النظرية ، على ما تتبناه من تطبيق الدعوة الدينيّة على عالم التكوين نظرية الفلسفة اليونانية في كيفيّة حصول الكثرة في العالم ، ولم يكن الهدف في استخدام نظريتهم ، في بيان صدور الكثرات من الواحد البسيط ، إلّا تطبيقها على الدعوة الدينيّة ، حتى يكون لكلِّ ظاهر باطن.
توضيحه : أثبتت البراهين الفلسفيّة أنّه سبحانه واحد ، بسيط من جميع الجهات ، لا كثرةَ فيه ، لا خارجاً ولا عقلاً ، ولا وهماً
ثمّ إنّهم بعد البرهنة على تلك القاعدة ، وقعوا في مأزق وهو أنّه كيف صدرت من الواحد البسيط ـ الذي لا يصدر عنه إلّا الواحد ـ هذه الكثرات في عالم العقول ، والأفلاك ، والأجسام ؟
ذهب أرسطو وتلاميذه ، ومن تبعهم من المسلمين كالفارابي والشيخ الرئيس ، إلى أنّ الصادر منه سبحانه واحد ، وهو : العقل الأوّل ، وهو مشتمل على جهتين :
جهة لعقله لمبدئه ، وجهة إضافته إلى ماهيته.
فبالنظر إلى الجهة الأُولى صدر العقل الثاني ، وبالنظر إلى الجهة الثانية صدر الفلك الأوّل ونفسه ، الذي هو الفلك الأقصى.
وصدر من العقل الثاني لهاتين الجهتين ، العقل الثالث ، والفلك الثاني مع نفسه ، الذي هو فلك الثوابت.
______________________
١. مصطفى غالب : في مقدمة الينابيع : ١٣.