وقد كان أبو الخطاب قال لهم : قاتلوهم فإنّ قصبكم يعمل فيهم عمل الرماح والسيوف ، ورماحهم وسيوفهم وسلاحهم لا تضرّكم ولا تخلّ فيكم ، فقدّمهم عشرة عشرة للمحاربة ، فلمّا قتل منهم نحو ثلاثين رجلاً ، قالوا له : ما ترى ما يحل بنا من القوم وما نرى قصبنا يعمل فيهم ولا يُؤثر ، وقد عمل سلاحهم فينا وقُتل من ترى منهم ، فذكر لهم ما رواه العامة أنّه قال لهم : إن كان قد بدا لله فيكم فما ذنبي ، وقال لهم ما رواه الشيعة : يا قوم قد بُليتم وامتحنتم وأُذن في قتلكم ، فقاتلوا على دينكم وأحسابكم ، ولا تعطوا بلدتكم ، فتذلّوا مع أنّكم لا تتخلصون من القتل فموتوا كراماً ، فقاتلوا حتى قُتلوا عن آخرهم ، وأُسر أبو الخطاب فأُتي به عيسى بن موسى فقتله في دار الرزق على شاطئ الفرات ، وصلب مع جماعة منهم ، ثمّ أمر بإحراقه فأُحرقوا ، وبعث برؤوسهم إلى المنصور فصلبها على باب مدينة بغداد ثلاثة أيام ، ثمّ أُحرقت. (١)
يظهر ممّا رواه الطبري في تاريخه وابن الجوزي في منتظمه تفشّي هذا النوع من الإلحاد عند غير الخطابية أيضاً ، وإليك نص ابن الجوزي في هذا المقام :
خروج الراوندية ، وهم قوم من أهل خراسان كانوا على رأي أبي مسلم ، إلّا أنّهم يقولون بتناسخ الأرواح ، ويدّعون أنّ روح آدم عليهالسلام في عثمان بن نهيك ، وأنّ ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو أبو جعفر المنصور ، وأنّ الهيثم بن معاوية جبرائيل.
وهؤلاء طائفة من الباطنية يسمّون السبعية يقولون : الأرضون سبع ، والسماوات سبع ، والأُسبوع سبعة يدل على أنّ دور الأئمّة يتم بسبعة. فعدوا : العباس ، ثمّ ابنه عبد الله ، ثمّ ابنه علي ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ إبراهيم ، ثمّ السفاح ،
______________________
١. النوبختي : فرق الشيعة : ٦٩ ـ ٧٠.