إنّ تأويل الظواهر وإرجاعها إلى خلاف ما يتبادر منها في عرف المتشرّعة هي السمة البارزة الثانية للدعوة الإسماعيلية ، وهي إحدى الدعائم الأساسية بحيث لو انسلخت الدعوة عن التأويل واكتفت بالظواهر ، لم تتميز عن سائر الفرق الشيعية إلّا بصَرف الإمامة عن الإمام الكاظم عليهالسلام إلى أخيه إسماعيل بن جعفر ، وقد بنوا على هذه الدعامة مذهبهم في مجالي العقيدة والشريعة ، وخصوصاً فيما يرجع إلى تفسير الإمامة وتصنيفها إلى أصناف ، سيوافيك بيانه.
ولم يكن تأويل الظواهر أمراً مبتدعاً ، بل سبقهم ثلة من المندسّين في أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام الذين طردهم الإمام ولعنهم وحذّر شيعته من الاختلاط بهم ، لصيانتهم عن التأثر بآرائهم والانجراف في متاهاتهم كأبي منصور ، وأبي الخطاب ، والمغيرة بن سعيد ، وغيرهم من ملاحدة عصره وزنادقة زمانه.
إنّ تأويل الظواهر والتلاعب بآيات الذكر الحكيم وتفسيرها بالأهواء والميول جعل المذهب الإسماعيلي يتطور مع تطور الزمان ، ويتكيّف بمكيفاته ، ولا ترى الدعوة أمامها أي مانع من مماشاة المستجدات وإن كانت على خلاف الشرع أو الضرورة الدينية.
إنّ ظاهرة الجمود على النصوص والظواهر ورفض العقل في مجالات العقائد ، كانت من أهمّ ميزات العصر العباسي حيث كانوا يرفضون كل بحثٍ عقلي خارج عن هذا الإطار خاصّة في عهد المنصور والرشيد ، فقد طردوا حماة البحث الحرّ والانفتاح الفكري وضيّقوا عليهم.
إنّ هذه الظاهرة على
خلاف الشريعة ، التي تدعو إلى التفكّر والتعقّل. وكان