٢ ـ التعامل المناسب مع الأعداء
إنّ أوّل أوامر القرآن من أجل النفوذ إلى قلوب الناس ـ مهما كانوا ضالّين ومنحطّين ـ هو التعامل المناسب المقترن بالمحبّة والعواطف الإنسانية ، أمّا التوسّل بالعنف فإنّه يتعلّق بالمراحل التالية حينما لا يؤثّر التعامل برفق ، فالهدف هو جذب الناس ليتذكّروا ، وليبصروا طريقهم ، أو أن يخافوا من العواقب المشؤومة للعمل السيء (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى).
إنّ كلّ عقيدة يجب أن تمتلك جاذبية ، ولا تبعد الأفراد عنها بدون مبرّر ، وقصص ووقائع الأنبياء وأئمّة الدين عليهمالسلام تبيّن بوضوح أنّهم لم ينحرفوا عن هذا المنهج والمسير أبدا طوال حياتهم.
نعم ، من الممكن أن لا تؤثّر أساليب المحبّة واللطف في القلوب الداكنة عند بعض الناس ، ويكون الطريق مقتصرا على استعمال العنف في المكان المناسب ، إلّا أنّه ليس قانونا عامّا وأساسيّا للبدء في العمل ، فإنّ المحبّة هي البداية والمسلك الأوّل ، وهذا هو الدرس الذي تذكره لنا الآية آنفة الذكر.
ممّا يلفت النظر أنّنا نقرأ في بعض الرّوايات : إنّ موسى كان مأمورا بأن ينادي فرعون بأحسن أسمائه ، فربّما يؤثّر ذلك في قلبه المظلم.
٣ ـ هل يوحى إلى غير الأنبياء؟
لا شكّ أنّ للوحي في القرآن الكريم معاني مختلفة : فقد جاء أحيانا بمعنى الصوت الواطئ ، أو القول همسا. وهذا هو المعنى الأصلي لهذا اللفظ في اللغة العربية.
وجاء أحيانا بمعنى الإشارة الرمزية إلى شيء ما ، مثل : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ