يختلط الأمر عليه ويهجر ـ والعياذ بالله ـ فهو يحسب مناماته المضطربة وحيا!
ويقولون حينا : لماذا أنت بشر؟ ويتذرّعون أحيانا بطلب معجزة جديدة مع كلّ تلك المعاجز.
إذا لم يكن لدينا دليل على بطلان كلامهم إلّا هذا الاضطراب والتمزّق ، فإنّه كاف لوحده ، ولكنّنا سنرى في الآيات التالية أنّ القرآن سيجيبهم جوابا حاسما من طرق أخرى أيضا.
* * *
ملاحظة :
هل القرآن محدث؟
لقد أورد جمع من المفسّرين في ذيل الآيات ـ لوجود كلمة (محدث) في الآية الثّانية من الآيات محلّ البحث ـ بحوثا جمّة حول كون كلام الله حادثا أم قديما؟ وهي نفس المسألة التي أثيرت في زمن خلفاء بني العبّاس وصارت مثارا للجدل لسنين طويلة ، وكانت قد لفتت انتباه وأفكار جماعة من العلماء.
إلّا أنّنا نعلم اليوم جيدا أنّ معظم هذا الموضوع كان يراد منه الإشغال السياسي ليهتمّ به علماء الإسلام ، وينصرفوا عن المسائل الضروريّة والأساسيّة التي تتعلّق بشؤون الحكومة وكيفيّة حياة الناس ، وحقائق الإسلام الأصيلة.
واليوم اتّضح لنا تماما أنّ المراد من كلام الله محتواه ومضمونه ، وهو قديم قطعا ، أي إنّه كان دائما في علم الله ، وإنّ علم الله الواسع كان محيطا بالقرآن على الدوام. وإذا كان المراد منه هذه الألفاظ والكلمات ، وهذا الوحي الذي نزل على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا شكّ في أنّه حادث.
أي عاقل يقول : إنّ ألفاظ القرآن وكلماته أزليّة؟ أو أنّ نزول الوحي على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن من بداية أمر الرسالة؟ وبناء على هذا فأنتم تلاحظون بأنّ