بحث
الهدف من الخلق :
في الوقت الذي لا يعترف المادّيون بهدف للخلق ، لأنّهم يعتقدون أنّ الطبيعة الفاقدة للعقل والشعور والهدف هي التي ابتدأت الخلق ، ولهذا فإنّهم يؤيّدون اللغوية وعدم الفائدة في مجموعة الوجود ، فإنّ الفلاسفة الإلهيين وإتباع الأديان جميعا يعتقدون بوجود هدف سام للمخلوقات ، لأنّ المبدئ للخلق قادر وحكيم وعالم ، فمن المستحيل أن يقوم بعمل لا فائدة فيه.
وهنا ينقدح هذا السؤال : ما هو الهدف؟
قد نتوهّم أحيانا نتيجة قياس الله سبحانه على ذواتنا وأنفسنا ونتساءل : هل كان الله محتاجا وينقصه شيء ، وكان يريد بخلق الوجود ، ومن جملته الإنسان ، أن يسدّ ذلك النقص ويرفع تلك الحاجة؟
هل هو محتاج لعبادتنا ودعائنا ومناجاتنا؟ هل كان يريد أن يعرف فخلق الخلق ليعرف؟
إلّا أنّ هذا كما قلنا خطأ كبير ناشئ من المقارنة بين الله وخلقه ، في حين أنّ هذه المقارنة والقياس غير الصحيح هو أكبر سدّ ومانع في بحث معرفة صفات الله ، ولذلك فإنّ أوّل أصل في هذا البحث هو أن نعلم أنّ الله سبحانه لا يشبهنا في أي شيء.
فالإنسان موجود محدود من كلّ النواحي ، ولذلك فإنّ كلّ مساعينا هي من أجل رفع نواقصنا واحتياجاتنا ، ندرس لنتعلّم فنمحو نقص جهلنا ، ونسعى للعمل والكسب لدفع الفقر ونكسب الثروة ، نهيّئ الجيوش والقوى لنسدّ النقص في قوانا أمام العدوّ ، وحتّى في الأمور المعنوية أو تهذيب النفس أو التكامل المعنوي والروحي ، فإنّ السعي والجدّ في كلّ ذلك من أجل رفع النواقص ...
ولكن ، هل من المعقول أن يقوم الوجود المطلق غير المتناهي في كلّ الجهات