(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (١).
وفي الجانب الآخر ، فإنّه جعل هدف الخلق في بعض الآيات عبودية الله وعبادته : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٢) ، ومن البديهي أنّ العبادة منهج لتربية الإنسان في الأبعاد المختلفة ... العبادة بمعناها الشمولي التي هي التسليم لأمر الله ستهب روح الإنسان تكاملا في الأبعاد المختلفة ، وقد بيّنا تفصيله في ذيل الآيات المرتبطة بالعبادات المختلفة.
ويقول : أحيانا إنّ الهدف من الخلقة هو إيقاظكم وتوعيتكم وتقوية إيمانكم واعتقادكم: (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٣).
ويقول تارة : إنّ الهدف من الخلق هو اختبار حسن عملكم : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (٤).
إنّ الآيات الثلاث آنفة الذكر والتي يشير كلّ منها إلى بعد من أبعاد وجود الإنسان الثلاث ـ بعد الوعي والإيمان ، وبعد الأخلاق ، وبعد العمل ـ تبيّن هدف الخلق التكاملي الذي يعود على الإنسان نفسه.
ويجدر أن نشير إلى هذه «اللطيفة» ، وهي أنّه لمّا كانت آيات القرآن غير حاوية لكلمة التكامل ، فإنّ بعضا يتصوّر أنّها من الأفكار المستوردة ، إلّا أنّ الردّ على مثل هذا التصّور أو الإشكال واضح ، لأنّنا لسنا في صدد الألفاظ الخاصّة ، فمفهوم التكامل ومصاديقه جليّة في الآيات آنفة الذكر ، ترى ألم يكن العلم مصداقه الواضح .. أم لم يكن الارتقاء في العبودية وحسن العمل من مصاديقه!
__________________
(١) سورة ص ، ٢٧.
(٢) الذاريات ، ٥٦.
(٣) الطلاق ، ١٢.
(٤) الملك. ٢.