يخرج معهم.
على كلّ حال ، فإنّ إبراهيم من دون أن يحذر من مغبّة هذا العمل وما سيحدث من غضب عبدة الأصنام العارم ، دخل الميدان برجولة وتوجّه إلى حرب هذه الآلهة الجوفاء ـ التي لها أنصار متعصّبون جهّال ـ بشجاعة خارقة وحطّمها بصورة يصفها القرآن فيقول : (فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ) وكان هدفه من تركه (لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) (١).
* * *
ملاحظتان
١ ـ الصنميّة في أشكال متعدّدة
صحيح أنّ أذهاننا تنصرف من لفظ عبادة الأصنام إلى الأصنام الحجرية والخشبية على الأكثر ، إلّا أنّ الصنم والصنمية ـ من وجهة نظر ـ لها مفهوم واسع يشمل كلّ ما يبعد الإنسان عن الله ، بأي شكل وصورة كان ، حيث يقول الحديث المعروف : «كلّما شغلك عن الله فهو صنمك».
وفي حديث عن الأصبغ بن نباته ـ وهو أحد أصحاب الإمام علي عليهالسلام المعروفين أنّه قال : انّ عليا عليهالسلام مرّ بقوم يلعبون الشطرنج ، فقال : «ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ لقد عصيتم الله ورسوله» (٢).
__________________
(١) قال كثير من المفسّرين : إنّ مرجع ضمير (إليه) إلى إبراهيم ، وقال البعض أنّ المراد هو الصنم الكبير ، إلّا أنّ الأوّل يبدو هو الأصحّ.
أمّا ما نقرؤه في الآية آنفة الذكر من أنّه كان أكبرهم ، فيمكن أن يكون إشارة إلى كبره الظاهري ، أو إشارة إلى احترامه من قبل عبّاد الأصنام الخرافيين ، أو إلى الإثنين معا.
(٢) مجمع البيان ، ذيل الآية مورد البحث.