وإمكانياتهم ، كما نقرأ في الآية (٣٧) من سورة الأعراف في شأن بني إسرائيل : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا).
وبالرغم من أنّ «الزبور» في الأصل يعني كلّ كتاب ومقال ، ومع أنّ موضعين من المواضع الثلاثة التي استعملت فيها هذه الكلمة في القرآن يشيران إلى زبور داود ، فلا يستبعد أن يكون المورد الثّالث ، أي ما ورد في الآية محلّ البحث إشارة إلى هذا المعنى أيضا.
إنّ زبور داود ـ أو بتعبير كتب العهد القديم (مزامير داود) ـ عبارة عن مجموعة أدعية النبيّ داود ومناجاته ونصائحه ومواعظه.
واحتمل بعض المفسّرين أن يكون المراد من الزبور هنا كلّ كتب الأنبياء السابقين (١).
ولكن يبدو على الأغلب ـ مع ملاحظة الدليل الذي ذكرناه ـ أنّ الزبور هو كتاب مزامير داود فقط ، خاصة وأنّ في المزامير الموجودة عبارات تطابق هذه الآية تماما ، وسنشير إلى ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
«والذكر» في الأصل يعني التذكير أو ما يسبّب التذكير والتذكّر ، واستعملت هذه الكلمة في القرآن بهذا المعنى ، وأطلقت أحيانا على كتاب موسى السماوي ، كالآية (٤٨) من سورة النساء : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ).
واستعملت أحيانا في شأن القرآن ، كالآية (٢٧) من سورة التكوير : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) ولذلك قال البعض : إنّ المراد من الذكر ـ في الآية مورد البحث ـ هو القرآن ، والزبور كلّ كتب الأنبياء السابقين ، أي إنّنا كتبنا في كلّ كتب الأنبياء السابقين إضافة إلى القرآن بأنّ الصالحين سيرثون الأرض جميعا.
__________________
(١) نقل هذا الاحتمال في تفسير مجمع البيان ، وتفسير الفخر الرازي عن عدّة من المفسّرين.