بكلّ مشاعرهم (١).
وأشارت آخر الآية هنا إلى ستّ فئات ، إحداها مسلمة مؤمنة ، وخمس منها غير مسلمة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أليس يوم الفصل من أسماء يوم القيامة! حيث يفصل الله سبحانه وتعالى ، فيه بين الحقّ والباطل ، يوم تبلى فيه السرائر ، وتنتهي فيه الخلافات ، (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
* * *
بحوث
١ ـ ارتباط الآيات
ترتبط هذه الآية بالآيات التي سبقتها ، حيث تناولت الآية التي قبلها الهداية الربّانية لمن كان قابلا للهداية ، ولكن بما أنّ قلوب الناس ليست على نمط واحد ، بسبب وجود التعقّب والعناد والتقليد الأعمى لا يسمح للقلوب بالاهتداء ، لذا يبقى التحزّب والخلاف إلى يوم القيامة الذي يكشف فيه عن الأسرار ويتجلّى الحقّ للجميع.
مضافا إلى أنّ الآيات السابقة تحدّثت عن ثلاث فئات : أولاهما تجادل في الله وفي يوم البعث بغير دليل ، وثانيها تضلّل الناس ، وثالثها ضعاف الإيمان الذين يميلون كلّ مرّة إلى جهة. لذا فقد أشارت هذه الآية إلى نماذج من هذه الفئات التي تجابه المؤمنين.
ثمّ أنّ الآيات السابقة تضمّنت سؤالا هو : ما الهدف من المعاد؟ وقد بيّنت الآية ـ موضع البحث ـ أحد أهداف المعاد ، وهو إنهاء الخلافات والعودة إلى الوحدة.
__________________
(١) المبتدأ محذوف في قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) وتقديره «الأمر أنّ الله يهدي من يريد» ، ويحتمل أيضا أنّ حرف (أنّ) بالفتح بمعنى (إنّ) بالكسر فلا محذوف في البين حينئذ.