٢ ـ من هم المجوس؟
جاءت كلمة «المجوس» مرّة واحدة في هذه الآيات بجانب الأديان السماوية الاخرى وفي مقابل المشركين ، وهذا دليل على أنّ لهم دينا ونبيّا وكتابا.
وتطلق كلمة «المجوس» اليوم على أتباع «زرادشت» أو أنّ أتباع زرادشت يشكّلون جزءا مهمّا منهم ، وحياة «زرادشت» ليست واضحة تماما ، فقد قيل : إنّه ظهر في القرآن الحادي عشر قبل الميلاد ، وقيل : في القرن السادس أو السابع (١).
وهذا الاختلاف بخمسة قرون أمر عجيب! يدلّ على الغموض الذي يحيط بتاريخ زرادشت. والمعروف أنّ له كتابا اسمه «أفستا» تلف إبّان حملة الإسكندر المقدوني على بلاد فارس. ثمّ أعيدت كتابته على عهد أحد ملوك الساسانيين (٢).
وليس لدينا معلومات كافية عن عقيدة زرادشت ، إلّا ما اشتهر من اعتقاده بمبدإ الخير والشرّ والنور والظلام ، فإله الخير والنور عنده «أهورامزدا» وإله الشرّ والظلام «أهريمن» ويحترم فكرة العناصر الأربعة وخاصّة «النّار» حتّى أعتبر أتباعه عبدة للنار. وأينما كانوا وجد معهم معبد للنار صغير أو كبير.
ويرى البعض أنّ كلمة «مجوس» مشتقّة من «مغ» التي كانت تطلق على قادة وروحانيي هذا الدين. كما أنّ كلمة «مؤبّد» التي تطلق حاليا على روحانيي هذا الدين ، مشتقّة في الأصل من «مغود».
وروي أنّهم من أتباع أحد أنبياء الحقّ (إلّا أنّهم انحرفوا بعد توحيدهم الله ، فأصبحوا على عقيدة يخالطها الشرك).
وجاء في رواية أنّ مشركي مكّة طالبوا النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأخذ الجزية من أتباع زرادشت مقابل السماح لهم بالتزام ما يعتقدون به ، فبيّن لهم الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لا يأخذ الجزية إلّا من أهل الكتاب ، فقالوا : كيف هذا وقد أخذت الجزية من مجوس
__________________
(١) أعلام القرآن ص ٥٥.
(٢) تفسير الميزان المجلّد الرّابع عشر صفحة ٣٩٢.