فرغم كلّ ما أغدق الله على الإنسان من أنعم في الأرض والسّماء ، في الجسم والروح ، لا يحمده ولا يشكره عليها ، بل يكفر بكلّ هذه النعم. ومع أنّه يرى كلّ الدلائل الواضحة والبراهين المؤكدة لوجود الله تبارك وتعالى ، والشاهدة بفضله عليه وإحسانه إليه ينكر ذلك. فما أظلمه وأجهله!
* * *
ملاحظات
١ ـ الصفات الخاصّة بالله :
بيّنت الآيات السالفة الذكر والآيتان اللتان سبقتها ، أربع عشرة صفة من صفات الله (في نهاية كلّ آية جاء ذكر صفتين من صفات الله) العليم والحليم ـ العفو والغفور ـ السميع والبصير ـ العلي والكبير ـ اللطيف والخبير ـ الغني والحميد ـ الرؤوف والرحيم. وكلّ صفة تكمل ما يقترن بها. وتنسجم معها وتتناسب مع البحث الذي تناولته الآية ، كما مرّ سابقا.
٢ ـ الآيات تدلّ على توحيد الله وعلى المعاد
إنّ الآيات السابقة ، مثلما هي دليل على قدرة الله تعالى وتأكيد لما وعد من نصر لعباده المؤمنين ، وشاهد على حقّانيته المقدّسة التي استندت الآيات السالفة الذكر إليها ، فهي دليل على توحيد الله وعلى المعاد ، فإحياء الأرض بالمطر بعد موتها ، ونموّ النبات فيها ، وكذلك حياة الإنسان وموته شاهد على البعث والنشور.
ومعظم الآيات عرضت هذه الأدّلة في البرهنة على حقيقة المعاد يوم القيامة.
وقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) تأكيد على إصرار المعاندين على الكفر ، ففي صيغة المبالغة «كفور» دلالة على هذا العناد ، فهذا الإنسان منكر لفضل ربّه مع مشاهدته لآياته العظيمة ، ومصرّ على الانحراف عن هداه ونور رحمته الواسعة.