الصحيح هو ما سبق أن قلناه من أنّ الطالب هو عبدة الأوثان ، والمطلوب هو الأوثان ذاتها ، وكلاهما لا يقدر على شيء.
وقال البعض : إنّ الطالب هو الذّباب ، والمطلوب الأصنام (لأنّ الذباب يجتمع عليها ليسلب منها غذاءه).
وقال الآخرون : الطالب هو الأصنام ، والمطلوب هو الذباب (لأنّه لو فكّرت الأصنام في خلق ذبابة واحدة لما استطاعت ذلك) وأصحّ هذه التفاسير هو الأوّل.
وبعد أن عرض القرآن الكريم هذه المثال الواضح الدافع ، قرّر حقيقة مهمّة ، وهي (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ).
فالمشركون لو كانوا على أدنى معرفة بالله تعالى لما أنزلوا قدره إلى مستوى هذه الآلهة الضعيفة العاجزة ولما جعلوا مصنوعاتهم شركاء له ، تعالى عمّا يفعلون علوّا كبيرا ، ولو كان لديهم أدنى معرفة بقدرة الله لضحكوا من أنفسهم وسخروا من أفكارهم. وتقول الآية في النهاية : (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
أجل ، إنّ الله قادر على كلّ شيء ولا مثيل لقدرته ولا حدّ ، فهو ليس كآلهة المشركين التي لو اجتمعت لما تمكّنت من خلق ذبابة ، بل ليس لها القدرة على إعادة ما سلبه الذباب منها.
* * *
بحث
مثال واضح لبيان نقاط الضعف :
يرى عدد من المفسّرين أنّ القرآن جاء بمثل في آياته المذكورة آنفا ، إلّا أنّه لم يبيّن المثل بصراحة ، بل أشار إلى مواضع أخرى في القرآن ، أو أنّ المثل هنا جاء لإثبات أمر عجيب ، وليس بمعنى المثل المعروف.
ولا شكّ في أنّ هذا خطأ ، لأنّ القرآن دعا عامّة الناس إلى التفكّر في هذا