ملاحظات
١ ـ اليوم الذي لا يعتنى فيه بالأنساب :
المفاهيم التي تسود حياة الإنسان المادّية في هذا العالم ، ستتغيّر في عالم الآخرة ، ومنها العلاقات الودّية ، والأواصر الأسريّة التي تحلّ مشاكل كثيرة في هذه الحياة ، وأحيانا تشكّل النظام الذي يسيطر على سائر العلاقات الاجتماعية.
وإذا كان الانتساب للقبائل والأسر في الدنيا لا يعارض الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح ، فإنّه ينتفي يوم القيامة ، فلا انتساب لشخص أو طائفة أو قبيلة. وإذا كان الناس هاهنا يساعد أحدهم الآخر ، ويحلّ له مشاكله وينتصر له ويفخر به ، فإنّهم ليسوا كذلك يوم القيامة ، فلا خبر عن الأموال الكثيرة ، ولا عن الأولاد (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (١).
حتّى من ينتسبون إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خاضعون لهذا الحكم ، ولهذا نلاحظ أنّ الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة الأطهار طردوا عنهم من كان من المقرّبين في النسب الهاشمي ، إمّا لعدم إيمانه ، أو لانحرافه عن الإسلام الأصيل ، وأظهروا تنفّرهم وبراءتهم منه. رغم أنّه روي عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : «كل حسب (٢) ونسب منقطع يوم القيامة إلّا حسبي ونسبي» (٣).
يقول العلّامة الطباطبائي (رضوان الله عليه) في الميزان : إنّ هذا الحديث هو نفسه الذي رواه بعض محدّثي أهل السنّة في كتبهم ، مرّة عن عبد الله بن عمر ، وأخرى عن عمر بن الخطاب ، وأحيانا عن صحابة آخرين للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
في الوقت الذي نرى أنّ الآية ـ موضع البحث ـ ذات طابع عامّ ، فهي تتحدّث
__________________
(١) الشعراء ، ٨٩.
(٢) الحسب : كلّ فخر للإنسان ، بالآباء والأجداد. ويعني أحيانا الخلق السليم للشخص ذاته ، وهنا قصد المعنى الأوّل. (يراجع لسان العرب في كلمة حسب).
(٣) مجمع البيان آخر الآية موضع البحث.