ومفهوم هذه الآية أن يعدّوا العبيد للزواج أوّلا بتهذيب أخلاقهم وزيادة صلاحهم ، ليكونوا بمستوى المسؤولية التي تقع على عاتقهم بعد الزواج.
٣ ـ ما هو عقد المكاتبة؟
قلنا : إنّ الإسلام وضع برنامج التحرر التدريجي للعبيد ، واستفاد من كل فرصة لعتقهم ، فكانت قضية «المكاتبة» حكما يجب اتباعه ، كما نصّت عليه الآيات موضع البحث.
وتشتق «المكاتبة» من الكتابة ، والكتابة في الأصل مشتقّة من «كتب» بمعنى «الجمع» أي : جمع الحروف والكلمات. وبما أنّ العقد بين المولى والعبد يتمّ بكتابة موادّ يتفق عليها ، فلذلك سمّيت «مكاتبة». فعقد المكاتبة نوع من الاتفاقات يتمّ بين المولى وعبده ، يلتزم العبد فيه بإعداد مبلغ من المال من عمل حرّ ، ليدفع أقساطا لسيّده ، فإذا دفع آخر قسط ينال حريته.
وأمر الإسلام ألا تتجاوز هذه الأقساط ثمن العبد نفسه.
وإذا عجز العبد لسبب ما عن دفع الأقساط المترتبة بذمّته ، وجب أن تسدّد هذه الأقساط من بيت المال أو من الزكاة ليعتق ، حتّى أنّ بعض الفقهاء قال بصراحة : إذا تعلقت زكاة بذمّة السيّد ، وجب عليه احتساب هذه الأقساط منها ، وهذا العقد لازم التنفيذ ، ولا يمكن فسخه من أيّ طرف من طرفي العقد.
ويتّضح بذلك كيف يجعل هذا المشروع عتق العبيد يسيرا ، ليعيشوا أحرارا مستقلين حتى في فترة إعداد الأقساط ، كما أن أسيادهم لا يتضررون بذلك ، فلا يدفعهم هذا إلى إلحاق الأذى بعبيدهم.
ولعقد المكاتبة أحكام وفروع عديدة مذكورة في الكتب الفقهية في باب المكاتبة.
* * *