علما.
وممّا سلف يتّضح لنا أن ما ذكرته الرّوايات عن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام بخصوص تفسير هذه الآية أنّ المشكاة هي قلب نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم والمصباح نور العلم ، والزجاجة وصية علي عليهالسلام ، والشجرة المباركة إبراهيم الخليل عليهالسلام الذي يرجع نسب بيت النبوّة إليه ، وعبارة (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) تعني نفي أيّ ميل إلى اليهودية والنصرانية فهو وجه آخر لنور الهداية والإيمان ، ومصداق واضح لها ، ولا يعني أنّ هذه الآية مختصة بهذا المصداق.
كما أنّ ما ذهب إليه بعض المفسّرين من أنّ النور الإلهي هو القرآن ، أو الأدلة العقلائية ، أو النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بذاته ، له جذور مشتركة بالتّفسير أعلاه.
وقد شاهدنا حتى الآن خصائص هذا النور الإلهي ، نور الهداية والإيمان من خلال تشبيهه بمصباح قويّ الإضاءة.
ويجب أن نعرف الآن أين موضع هذا المصباح ، وشكل موضعه؟ ليتّضح لنا ما كان ضروريا إيضاحه في هذا المجال. لهذا تقول الآية التالية : إنّ هذه المشكاة تقع (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) لكي تكون في مأمن من الشياطين والأعداء والانتهازيين (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) ويتلى فيها القرآن والحقائق الإلهية.
وقد اعتبر العديد من المفسّرين هذه الآية مرتبطة كما قلنا بالآية التي سبقتها (١). غير أن البعض من المفسّرين يرى أنّ هذه الجملة ترتبط بالجملة التي تليها ، إلّا أنّ ذلك بعيد عن الصواب.
أمّا ما أورده البعض وتساءل عن مدى تأثير هذا النور الباهر في البيوت
__________________
(١) هكذا يكون تقدير الآية «هذه المشكاة في بيوت ... أو هذا المصباح في بيوت ... هذه الشجرة في بيوت ... نور الله في بيوت» في الوقت الذي يرى أصحاب التّفسير الثّاني أنّ عبارة «في بيوت» تعود إلى كلمة «يسبّح» ليكون معنى الآية (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) أي في الصباح والمساء. إلّا أن هذا التّفسير لا ينسجم مع وجود كلمة «فيها» لأنّه يعد تكرارا لا داعي له ، إضافة إلى عدم انسجامها مع الأحاديث الواردة بهذا الصدد (فتأملوا جيدا).