٢ ـ التسبيح العامّ لجميع المخلوقات
تحدّثت الآيات المختلفة في القرآن المجيد عن أربع عبادات تمارسها مخلوقات هذا الكون العظيم ، هي : التسبيح ، والحمد ، والسجود ، والصلاة ، أمّا الآية موضع البحث ، فقد تناولت الصلاة والتسبيح.
وتحدثت الآية الخامسة عشرة من سورة الرعد عن السجود العام : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
أمّا الآية الرّابعة والأربعون من سورة الإسراء ، فقد تحدثت عن التسبيح والحمد من قبل جميع المخلوقات في الوجود كله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) وقد تناولنا حقيقة الحمد والتسبيح العامّين من قبل المخلوقات والتفاسير المختلفة الواردة بهذا الصدد ، في تفسيرنا الآية الرّابعة والأربعين من سورة الإسراء ، ونذكر هنا ملخصه :
هناك تفسيران جديران بالاهتمام ، وهما : ـ
١ ـ إنّ ذرات هذا العالم كلها ـ عاقلة أو غير عاقلة ـ لها نوع من الإدراك والشعور ، وهي تسبح في عالمها لله وتحمده على الرغم من عدم إدراكنا لها. ولهذا التّفسير أدلّة قرآنية.
٢ ـ إن القصد من التسبيح والحمد هما ما نعبر عنه بعبارة «لسان حاله» أي نظام الوجود وأسراره المدهشة الكامنة في كلّ مخلوق تتحدّث بصراحة عن عظمة الخالق وعلمه وحكمته التي لا حدود لها ، إذ كلّ مخلوق جميل ، وكلّ أثر فنيّ بديع يثير الدهشة والإعجاب ، حتّى أنّ لوحة فنية وقطعة شعرية جميلة ، تحمد وتسبّح لمبدعها. فمن جهة تكشف عن صفاته (بحمدها له) ومن جهة أخرى تنفي عنه أي عيب أو نقص (فتسبحه). فكيف وهذا الكون العظيم بما فيه من عجائب وغرائب لا تنتهي! (للاطلاع أكثر على ذلك يراجع تفسير الآية ٤٤ من سورة الإسراء في تفسيرنا هذا).