وإذا قلنا : إنّ عبارة (يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تعني تسبيح كلّ من في السماوات والأرض ، ونحدد كلمة «من» بذوي العقول ، فإنّ التسبيح يخصّ هنا المعنى الأوّل ، فهو تسبيح بوعي وإرادة ولازم هذا القول أن الطيور أيضا لها شعور ، لأنّ كلمة الطيور جاءت بعد حرف «من». ولا عجب في ذلك ، لأنّ آيات قرآنية أخرى قالت بوجود مثل هذا الشعور لدى بعض الطيور (يراجع تفسير الآية ٣٨ من سورة الأنعام).
٣ ـ التسبيح الخاصّ بالطيور :
ما السبب في ذكر تسبيح الطيور من بين جميع المخلوقات ، وخاصّة في حالة بسط جناحيها في السماء؟
المسألة تكمن في أنّ الطيور إضافة إلى تنوّعها الكبير ، تمتاز بصفات خاصّة تجلب نظر كل عاقل إليها ، حيث تحلّق هذه الأجسام ـ وبعضها ثقيل ـ في السماء خلافا لقانون الجاذبية ، وتطير بسرعة من نقطة إلى أخرى في الجو ، وتركب أمواج الرياح وهي باسطة جناحيها دون أي تعب أو جهد. بشكل يثير الإعجاب.
والمثير فيها هو إدراكها لقضايا الأنواء الجوية ، ومعلوماتها الدقيقة لوضع الأرض الجغرافي ـ خلال سفرها وهجرتها من قارة إلى أخرى ، حتى أنّ بعضها يهاجر من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي.
فهي تمتلك جهاز توجيه خفي عجيب يرشدها إلى الهدف إيّان سفرها الطويل ، حتى لو تلبّدت السماء بالغيوم. وهذه من أكثر الأمور إثارة للدهشة والعجب ، ومن أوضح أدلة التوحيد.
طيور الليل بدورها تملك رادارا مدهشا يخبرها حين الطيران في ظلمة الليل عن كلّ حاجز أمامها ، حتى أن بعضها يرى سمكّة تحت الماء ، فيخطفها بسرعة البرق ، وهذه ميزة مدهشة في هذه الطيور!!