وإذا كانت حرارة الشمس على نسق واحد ، فإنّها ترفع درجة حرارة الهواء ، وتقتل الأحياء وتتعب الأعصاب ، لكنّ وقوع الليل بين نهارين يعدّل من أثر الشمس القوي ويلائمه.
كما إنّ التغييرات التدريجية في ساعات الليل والنهار هي السبب في ظهور الفصول الأربعة ، وعامل مؤثّر جدّا في نمو النباتات وحياة جميع الأحياء وهطول المطر وتكوين المياه الجوفية التي هي من كنوز الأرض (١).
وأشارت آخر الآيات ـ موضع البحث ـ إلى أبرز صورة وأوضح دليل على التوحيد ، وهي مسألة الحياة بصورها المختلفة ، فقالت : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) أي أنّ أصلها جميعا من ماء ، ومع هذا فلها صور مختلفة (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) كالزواحف. (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) كالإنسان والطيور (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) كالدواب.
وليس الخلق محددا بهذه المخلوقات ، فالحياة لها صور أخرى متعددة بشكل كبير ، سواء كانت أحياء بحرية أو حشرات بأنواعها المتعددة التي تبلغ آلاف الأنواع ، لهذا قالت الآية في الختام (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
* * *
بحوث
١ ـ ماذا يعني الماء هنا؟
وإلى أي نوع من الماء أشارت الآية موضع البحث؟
للمفسّرين بهذا الصدد ثلاثة آراء :
١ ـ يقصد بالماء النطفة ، وقد اختار الكثير من المفسّرين هذا المعنى ، وقد
__________________
(١) بحثنا في هذا المجال في التّفسير الأمثل عند تفسير الآية (٦) من سورة يونس.