بحثان
١ ـ فلسفة الاستئذان والمفاسد المترتبة على عدم الالتزام به
لا يكفي اللجوء إلى القوة لاقتلاع جذور المفاسد الاجتماعية كالأعمال المخلة بالشرف ، ولا يرجى نتيجة مرضية من العقاب فقط في القضايا الاجتماعية.
وإنّما يستوجب اتباع عدة أمور كالتثقيف الإسلامي ، وتعليم آدابه الخلقية ، واتباع السبل الصحيحة في القضايا العاطفية. وإلى جانب هذه الأمور يكون العقاب كعامل لردع المنحرفين عن الطريق السوي.
ولهذا السبب بدأت سورة النور ـ وهي في الواقع سورة العفاف والشرف ـ بالحديث عن جلد الرجال الزناة والنساء الزانيات ، كما تحدثت في نفس الوقت عن تسهيل الزواج ورعاية الحجاب الإسلامي ، والنهي عن النظر بلذة وتحريم اتهام الآخرين بشرفهم وناموسهم ، وأخيرا استئذان الأبناء حين الدخول إلى غرفة الوالدين.
وهذا يدلّ على عدم إغفال الإسلام أي من هذه التفاصيل التي لها علاقة بمسألة العفاف والشرف.
وعلى الخدم أن يستأذنوا حين الدخول إلى غرفة الزوجين الخاصّة اللذين يخدمانهما ، كذلك يستوجب على الأطفال البالغين عدم الدخول إلى الغرفة المذكورة دون استئذان ، وتعليم الأطفال غير البالغين الذين يرتبطون ارتباطا وثيقا بالوالدين ، أن لا يدخلوا غرفة الوالدين دون استئذان وعلى الأقل في الأوقات الثلاثة التي أشارت إليها الآية «قبل صلوة الفجر وحين الظهر ومن بعد صلوة العشاء».
وهذا نوع من الأدب الإسلامي ، رغم قلّة الالتزام به مع كلّ الأسف. ورغم بيان القرآن ذلك بصراحة في الآيات السابقة. فإنّه من النادر أن يتناوله الخطباء