يستفاد من الآيتين (١٥) و (١٦) من سورة النساء أنّ الحكم قبل نزول سورة النّور كان السجن المؤيّد للزانية (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) وإلحاق الأذى بالزناة غير المحصنين (فَآذُوهُما) ولم يحدد مقدار هذا الأذى حتى حددته هذه الآية بمائة جلدة. وعلى هذا حلّ الإعدام محل السجن المؤيد في الحكم على الزانية المحصنة ، وحدّد الأذى لغير المحصن بمائة جلدة (ولمزيد من الاطّلاع راجع التّفسير الأمثل في تفسير الآيتين (١٥) و (١٦) من سورة النساء).
لا ريب في أنّ القضايا الإنسانية والعاطفية توجب بذل أقصى الجهود لمنع إصابة بريء بهذا العقاب ، وإصدار العفو وفق الأحكام الإلهية ، أمّا إذا ثبت الذنب فلا بدّ من الحسم من غير تأثر بالمشاعر الكاذبة والعواطف البشرية إلّا بالحقّ ، فهيجانها الجارف يلحق بالنظام الاجتماعي ضررا كبيرا.
ولا سيما وقد وردت في الآية عبارة : «في دين الله» أي : عند ما يكون الحكم من الله فهو أبصر وأحكم بمواقع الرأفة والرّحمة ، فحين ينهى عن الانفعال العاطفيّ في إقامة حكم شرعي من أجل أنّ أكثرية الناس تتملّكهم هذه الحالة ، فيحتمل غلبة عواطفهم واحساساتهم على عقلهم وايمانهم. ولا جدال في وجود فئة قليلة من الناس تميل إلى العنف ، وهذا انحراف عمّا دعانا إليه ربّ العزّة والحكمة ـ سبحانه ـ من العدل والإحسان اللذين لا يظهران إلّا بإقامة أحكامه الرشيدة ، فلا ينبغي لمسلم أن يزيد أو ينقص في حكم الله سبحانه.