وحول عبارتي «عدم الإفساد» و «عدم الإسراف» فقد صرحت بعض الأحاديث بذلك أيضا (١).
ولا بد من الإشارة إلى أنّه ورد حديث في هذا الباب يقول بأنّه يمكن الاستفادة فقط من غذاء خاص وليس أيّ غذاء ، إلّا أنّ الفقهاء أعرضوا عن هذا الحديث لضعف سنده.
واستثنى بعض المفسّرين الأطعمة الممتازة التي يحفظها صاحب المنزل لنفسه ، أو لضيوفه المقربين ، أو لمناسبات خاصّة. وهذا الاستثناء غير بعيد ، بسبب انصراف الآية عنه (٢).
٢ ـ فلسفة هذا الحكم الإسلامي :
يمكن أن يثير هذا الحكم تساؤلا بالمقارنة مع الأحكام الشديدة التي نصت عليها التعاليم في تحريم الغصب ، هو : كيف سمح الإسلام بذلك ، رغم تشديده في قضية التصرف بأموال الآخرين؟!
إنّنا نرى أنّ هذا السؤال ينسجم مع طبيعة البيئات المادية تماما ، كالمجتمع الغربي ، حيث يطرد الأبناء من المنزل حين البلوغ! ولا يهتمون بالوالدين حين إصابتهم بالعجز أو الشيخوخة! حيث نشاهد الأبناء هناك ، لا يثمنون أتعاب الوالدين ولا يشفقون عليهما ، بسبب تسلط التفكير المادي على العلاقات الاجتماعية في الغرب! ولا خبر هناك عن العاطفة الإنسانية والشفقة!
إلّا أنّ التعاليم الإسلامية والعواطف الإنسانية التي تمتد جذورها في المجتمع الإسلامي ، خاصّة بين الأهل والأقرباء والأصدقاء ، قد ميّزت المجتمع الإسلامي عن المجتمع الغربي.
__________________
(١) المصدر السابق ، الحديث ٤.
(٢) لإيضاح أكثر يراجع جواهر الكلام المجلد ٣٦ ، صفحة ٤٠٦ ، (كتاب الأطعمة والأشربة).