والواقع أنّ الإسلام جعل علاقات الأقرباء والأصدقاء أسمى من الأمور المادية ، وهذا يعكسه الصفاء والود اللذان يسودان المجتمع الإسلامي الحقيقي ، حيث يبتعد أفراد هذا المجتمع عن الصفات غير المحمودة كالبخل وحب الذات.
ولا ريب أن أحكام الغصب تكون نافذة في غير هذه الدائرة. ولكن الإسلام في داخل هذه الدائرة يفضل القضايا العاطفية والروابط الإنسانية ، فهي التي ينبغي أن تسود العلاقات بين الأقرباء والأصدقاء جميعا.
٣ ـ من هو الصديق؟
لا شك أنّ للصداقة مفهوما واسعا ، وهي تعني هنا بالتأكيد الأصدقاء الخاصين الذين تربطهم علاقات وثيقة ، وهذه العلاقة توجب التزاور فيما بينهم والأكل من طعام الآخر ، ولا حاجة هنا ـ كما أسلفنا ـ إلى إحراز الرضا ، بل يجوز الأكل بمجرّد عدم العلم بعدم رضا صاحب الغذاء.
لهذا قال بعض المفسّرين حول هذه الآية : الصديق هو الذي يصدق في علاقاته معك.
وقيل : الصديق هو الذي يصدّق ظاهره باطنه وكما يبدو فإن الجميع يشيرون إلى حقيقة واحدة.
ويتّضح من هذه العبارة أنّ الذي لا يسمح بمشاركة صديقة لغذائه ، لا يمكن اعتباره صديقا!
ومن المناسب هنا أن نقرأ حديثا عن الإمام الصادق عليهالسلام ضمّ مفهوم الصداقة الواسع وشروطها الكاملة :
«لا تكون الصداقة إلّا بحدودها ، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فأنسبه إلى الصداقة ، ومن لم يكن فيه شيء منها فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة.
فأوّلاها : أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة.