التّفسير
لا تتركوا النبيّ وحده!
قال بعض المفسّرين حول علاقة هذه الآيات بسابقتها ، وفيهم المرحوم «الطبرسي» في مجمع البيان «وسيد قطب» في تفسير في ظلال القرآن : بما أنّ الآيات السابقة طرحت للبحث جانبا من أسلوب التعامل مع الأصدقاء والأقرباء.
فإنّ الآيات موضع البحث تناولت كيفية تعامل المسلمين مع قائدهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقد أكّدت التزام الوقار أمامه ، وطاعته وعدم ترك الجماعة إلّا بإذنه.
ويمكن أيضا أنّ الآيات السابقة تحدثت عن ضرورة طاعة الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن علائم طاعته عدم تركه أو القيام بعمل ما دون إذن منه ، لهذا تحدثت الآيات ـ موضع البحث ـ حول هذا الموضوع. فتقول أوّلا : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ).
والمراد من «أمر جامع» كلّ عمل يقتضي اجتماع الناس فيه ويتطلب تعاونهم ، سواء كان عملا استشاريا ، أو مسألة حول الجهاد ومقاتلة العدو ، أو صلاة جمعة في الظروف الاستثنائية وأمثالها.
وإذا وجدنا أنّ بعض المفسّرين ، قالوا بأنّه يعني الاستشارة أو الجهاد أو صلاة الجمعة أو العيد فنقول : إنّهم عكسوا جانبا من معاني هذه الآية. وأسباب النّزول السابقة أيضا هي من مصاديق هذا الحكم العام.
وفي الحقيقة إنّ هذا من شروط النظم والتنظيم ولا يمكن لأية مجموعة منظمة منسجمة أن تهمله ، فغياب شخص واحد قد تترتب عليه صعوبات ويلحق ضررا بالهدف النهائي ، خاصّة إذا كان قائد الجماعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكلامه مطاع.
كما يجب الانتباه إلى أنّ الإذن لا يعني الاستئذان الشكلي لقضاء الشخص أعماله الخاصّة والتفرغ لتجارته. وإنّما أن يكون صادقا في الاستئذان. فإذا وجد القائد أن غياب هذا الشخص يلحق ضررا ، فمن حقه أن لا يأذن له ، وعليه أن