ذكرنا أن ظاهر الآيات السابقة يحرّم الزواج من الزانية والزاني ، وخصصت الأحاديث الشريفة ذلك بالذين اشتهروا بالزنى ولم يتوبوا ، وأمّا إذا لم يشتهروا بهذا العمل القبيح ، أو أنّهم تركوه وطهّروا أنفسهم منه ، وحافظوا على عفتهم ، فلا مانع من الزواج منهم.
أمّا الدليل على الصورة الثّانية ، وهي حالة التوبة ، فإنه لا ينطبق عنوان الزاني والزانية على هؤلاء فكانت حالة مؤقّتة زالت عنهم. أمّا في الحالة الأولى فقد ورد هذا القيد في الروايات الإسلامية ويؤيده سبب نزول الآية السابقة. ففي حديث معتبر عن الإمام الصادق عليهالسلام أن الفقيه المعروف «زرارة» سأله عن تفسير (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً). فقال الإمام عليهالسلام : «هن نساء مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا ، قد شهروا بالزنا وعرفوا به ، والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن أقيم عليه حد الزنا ، أو شهر بالزنا ، لا ينبغي لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبته» (١).
كما جاءت أحاديث أخرى بهذا المضمون.
لا يخفى على أحد مساوئ هذا العمل القبيح على الفرد والمجتمع ، ومع ذلك نرى من اللازم بيان هذا المعنى باختصار : إنّ ممارسة هذا العمل القبيح وانتشاره يعرّض النظام الأسريّ إلى الدمار.
ويجعل العلاقة بين الابن وأبيه غامضة وسلبية.
وقد بيّنت لنا التجربة أنّ الأولاد المجهولي النسب يتحولون إلى جناة خطرين
__________________
(١) وسائل الشيعة ، المجلد الرّابع عشر ، ص ٣٣٥.