الآيتان
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢))
التّفسير
المقياس الأعلى للمعرفة :
تبدأ هذه السورة بجملة «تبارك» من مادة «بركة» ، ونعلم أنّ الشيء ذو بركة ، عبارة عن أنّه ذو دوام وخير ونفع كامل. يقول تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً). (١) الملفت للانتباه أنّ ثبوت البركة لذات الخالق عزوجل بواسطة نزول الفرقان ، يعني أنّه أنزل قرآنا فاصلا بين الحق والباطل ، وهذا يدل على أن أعظم الخير والبركة هي أن يمتلك الإنسان بيده وسيلة المعرفة ـ معرفة الحق من الباطل.
وهنا وقفة مهمّة أيضا ، وهي أنّ كلمة «الفرقان» وردت بمعنى «القرآن» تارة ، وتارة بمعنى معجزات مميزة للحق من الباطل ، ووردت بمعنى «التوراة» تارة
__________________
(١) ورد شرح كلمة «البركة» في ج ٥ ، آخر الآية (٥٤) من سورة الأعراف ، شرح اصل «البركة».