أى البحار والمحيطات التي هي مصدر الحياة والغذاء والمطر والمناخ المعتدل ، وأخيرا استمد الإنسان نفسه جميع تلك المقومات الحيوية منهما ، فدع من يدرك ذلك يقف في روعة أمام عظمته تعالى ، ويقرّ بواجباته شاكرا!
إنّ التعادل العجيب بين الأوكسجين وثاني أوكسيد الكاربون فيما يتعلق بالحياة الحيوانية ، وعالم النبات كلّه ، قد استرعت أنظار كل العالم المفكر ، غير أن أهمية ثاني أوكسيد الكاربون لم يدركها الجميع بعد ، وثاني أوكسيد الكاربون هو الغاز المألوف في تعبئة ماء الصودا ، وهو غاز ثقيل ، ولحسن الحظ يعلق بالأرض ، ولا يتمّ فصله إلى أوكسجين وكاربون إلّا بصعوبة كبيرة ، وإذا أشعلت نارا ، فإنّ الخشب ـ الذي يتكون غالبا من الأوكسجين والكاربون والهيدروجين ـ يتحلل تحت تأثير الحرارة ويتحد الكاربون مع الأوكسجين بشدّة ، وينتج من ذلك ثاني أوكسيد الكاربون. والهيدروجين الذي يطلق يتحد بمثل تلك الشدة مع الأوكسجين فنحصل على بخار الماء. ومعظم الدخان هو كاربون خالص غير متحد مع غيره.
وحين يتنفس رجل فإنّه يستنشق الأوكسجين فيتلقاه الدم ، ويقوم بتوزيعه الى جميع أنحاء جسمه ، ويقوم هذا الأوكسجين يحرق طعامه في كل خلية ببطء شديد عند درجة حرارة واطئة نسبيا ، النتيجة هي ثاني أوكسيد الكاربون وبخار الماء.
وبذلك يتسلل ثاني أوكسيد الكاربون إلى رئتيه ، ويعود الى الجو مرّة اخرى من خلال الزفير ، وكلّ كائن حيواني حي يمتص الاوكسجين ويلفظ ثاني اوكسيد الكاربون.
ما أعجب نظام الضوابط والموازنات الذي منع أي حيوان ـ مهما يكن من وحشيته ، أو ضخامته ، أو مكره ـ من السيطرة على العالم غير أنّ الإنسان وحده بامكانه قلب هذا التوازن الذي للطبيعة بنقله النباتات والحيوانات من مكان إلى آخر ، وسرعان ما يلقى جزاءه القاسي على ذلك ماثلا في تطورات آفات الحيوان