وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا ، تأكل كما نأكل وتمشي في الأسواق كما نمشي ، فقال رسول الله : اللهمّ أنت السامع لكل صوت ، والعالم بكلّ شيء ، تعلم ما قاله عبادك فأنزل الله عليه : يا محمد : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ ...)إلى قوله تعالى (وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً). (١)
التّفسير
لم لا يملك هذا الرّسول كنوزا وجنات؟!
عرض في الآيات السابقة قسم من إشكالات الكفار فيما يخص القرآن المجيد ، وأجيب عليها ، ويعرض في هذه الآيات قسم آخر يتعلق بشخص الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ويجاب عنها ، فيقول تعالى : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ).
ما هذا النّبي الذي يحتاج إلى الغذاء كغيره من الأفراد العاديين؟ ويمشي في الأسواق من أجل الكسب والتجارة وشراء احتياجاته؟ فليست هذه سيرة الرسل ولا طريقة الملوك والسلاطين! وفي الوقت الذي يريد هذا الرّسول التبليغ بالدعوة الإلهية ، ويريد أيضا السلطنة على الجميع!
لقد كان المشركون يرون أنّه لا يليق بذوي الشأن الذهاب إلى الأسواق لقضاء حوائجهم ، بل ينبغي أن يرسلوا خدمهم ومأموريهم من أجل ذلك.
ثمّ أضافوا : (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) ، فلم لم يرسل إليه ـ على الأقل ـ ملك من عند الله ، شاهد على صدق دعوته ، وينذر معه الناس!؟
حسن جدا ، لنفرض أنّنا وافقنا على أن رسول الله يمكن أن يكون إنسانا ، ولكن لماذا يكون فقيرا فاقدا للثروة والمال!؟ (أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، الجزء ٤ ، الصفحة ٦.