بحثان
١ ـ من هم المقصودون بالمعبودين هنا!؟
في الإجابة على هذا السؤال ، هناك تفسيران بين المفسّرين المعروفين :
أوّلا : أن يكون المقصود بالمعبودين إنسانا (مثل المسيح) أو شيطانا (مثل الجن) أو (الملائكة) ، حيث أن كلّ واحد منها كان قد اتخذه فريق من المشركين معبودا لهم. ولأنّهم أهل عقل وشعور وإدراك ، فيمكنهم أن يكونوا موضع الاستنطاق والمحاسبة ، ولإتمام الحجة ، ولإثبات كذب المشركين الذين يقولون : إنّ هؤلاء دعونا لعبادتهم! فهم يسألون عمّا إذا كان هذا الادعاء صحيحا؟ ولكنّهم يكذبون ادعاء المشركين بصراحة!
التّفسير الثّاني : الذي ذكره جمع من المفسّرين هو أنّ الله يمنح الأصنام في ذلك اليوم نوعا من الحياة والإدراك والشعور ، بالشكل الذي تستطيع فيه أن تكون موضع المحاسبة ، لينطقوا بالجواب اللازم : إلهنا ، نحن ما أضللنا هؤلاء ، بل هم أنفسهم ضلوا بسبب انغماسهم في الشهوات والغرور.
وهناك الاحتمال آخر ، وهو أنّ المقصود يشمل جميع المعبودين ، سواء كانوا ذوو عقل وشعور يخبرون بألسنتهم عن الوقائع ، أم لم يكونوا من أهل العقل والشعور ، حيث يعكسون الحقيقة أيضا ، بلسان حالهم.
ولكن القرائن الموجودة في الآية تتفق أكثر مع التّفسير الأوّل ، ذلك لأنّ الأفعال والضمائر تدل جميعها على أن طرف المحاورة هم أصحاب عقل وشعور ، وهذا يتناسب مع معبودين كالمسيح والملائكة وأمثالهم.
إضافة إلى أنّ قوله تعالى (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ ...) يظهر أن المشركين قد ادّعوا من قبل أن هؤلاء المعبودين قد أضلونا ودعونا لعبادتهم ، وبعيد أن يكون المشركون قد ادعوا هذا بالنسبة إلى الأصنام الحجرية والخشبية ، لأنّهم ـ كما ورد في قصة إبراهيم ـ كانوا على يقين بأنّ الأصنام لا تتكلم (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ