يَنْطِقُونَ) (١).
في حين أنّنا نقرأ مثلا بالنسبة إلى المسيح عليهالسلام في الآية (١١٦) من سورة المائدة : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ)؟!
ومن المسلّم أنّ ادعاء المشركين وعبدة الأصنام كان واهيا وبلا أساس ، فأولئك لم يدعوهم إلى عبادة أنفسهم.
الملفت هو أن المعبودين لم يقولوا في الجواب : إلهنا ، ما دعوناهم إلى عبادة أنفسنا ، بل يقولون : نحن ما اتّخذنا لأنفسنا غيرك معبودا ، يعني في الوقت الذي نحن نعبدك وحدك ، فمن الأولى أنّنا لم ندعهم إلى أحد غيرك ، خاصّة وأن هذا الكلام يقترن مع (سُبْحانَكَ) ومع (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا) التي تكشف عن غاية أدبهم ، وتأكيدهم على التوحيد.
٢ ـ دافع الانحراف عن أصل التوحيد
المهم هو أنّ المعبودين يعدّون العامل الأصلي لانحراف هذا الفريق من المشركين هو (الحياة المرفهة) لهم ، ويقولون ، إلهنا ، متّعت هؤلاء وآباءهم من نعم هذه الحياة ، وهذا هو بالذات كان سبب نسيانهم ، فبدلا من أن يعرفوا واهب هذه النعم فيشكرونه ويطيعونه ، توغلوا في دوامة الغفلة والغرور.
فالحياة المرفهة لجماعة ضيقة الأفق ، ضعيفة الإيمان ، تبعث على الغرور من جهة ، ذلك لأنّهم في الوقت الذي ينالون النعم الكثيرة ، ينسون أنفسهم وينسون الله ، حتى أنّ فرعون كان يطبّل أحيانا (أنا الله).
ومن جهة أخرى ، فإنّ هؤلاء الأفراد يميلون إلى التحرر من كل القيود التي تعيقهم في ملذّاتهم من قبيل الحلال والحرام ، والمشروع واللامشروع وتمنعهم من
__________________
(١) الأنبياء ، ٦٣.