٣ ـ كلمة «بور».
«بور» من مادة «بوار» وهي في الأصل بمعنى شدّة كساد الشيء ، ولأنّ شدّة الكساد تبعث على الفساد ، كما جاء في المثل العربي «كسد حتى فسد» ، فهذه الكلمة بمعنى الفساد ، ثمّ أطلقت بعد هذا على الهلاك ، ولهذا يقولون للأرض الخالية من الشجر والورد والنبات ، والتي هي في الحقيقة فاسدة وميتة كلمة «بائر».
وعلى هذا فإنّ قوله تعالى : (كانُوا قَوْماً بُوراً) إشارة إلى أنّ هذا الفريق على أثر انغماسهم في الحياة المادية المرفهة ، ونسيانهم الله واليوم الآخر ، صاروا إلى الفساد والهلكة ، وصارت أراضي قلوبهم كالصحراء جافة وبائرة ، وأخليت من أزاهير ملكات القيم الإنسانية ، وفواكه الفضيلة والحياة المعنوية.
مطالعة حال الأمم الغرقى في الدلال والنعمة اليوم ، الغافلة عن الله وعن الخلق ، توضح عمق معنى هذه الآية في كيفية غرق هذه الأمم في بحر الفساد الأخلاقي ، وكيف اجتثت الفضائل الإنسانية من أرض وجودهم البائرة. (١)
* * *
__________________
(١) تعتبر بعض المصادر أنّ كلمة «بور» تأتي بمعنى اسم الفاعل ، وتأتي واحدة في المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث ، وبعض يعدها جمع «بائر».