وهل أن الفريق الأوّل يؤدي مسئوليته وتعهده إزاء الفريق الثّاني ، أم لا؟! من هنا ، لا تقاطع بين هذين التّفسيرين فمن الممكن أن يجتمع كلاهما في المفهوم الواسع للآية في أن الناس بعضهم لبعض فتنة.
وعلى أثر هذا القول ، جعل الجميع موضع الخطاب فقال تعالى :
(أَتَصْبِرُونَ)؟
ذلك لأنّ أهم ركن للنجاح في جميع هذه الامتحانات هو الصبر والاستقامة والشجاعة ... الصبر والاستقامة أمام خيالات الغرور الذي يمنع من قبول الحق ...
الصبر والاستقامة أمام المشكلات الناشئة من المسؤوليات وأداء الرسالات ، وكذلك الجلد أمام المصائب والحوادث الأليمة التي لا تخلو منها حياة الإنسان على كل حال.
والخلاصة : أنّ من الممكن اجتياز هذا الامتحان الإلهي العظيم بقوّة الاستقامة والصبر. (١)
ويقول تعالى في ختام الآية بصيغة التحذير : (وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) فينبغي ألا يتصور أحد أن شيئا من تصرفاته حيال الاختبارات الإلهية يظل خافيا ومستورا عن عين الله وعلمه الذي لا يخفى عليه شيء. إنّه يراها بدقة ويعلمها جميعا.
سؤال :
يرد ها هنا استفسار ، وهو أن ردّ القرآن على المشركين في الآيات أعلاه قائم على أن جميع الأنبياء ، كانوا من البشر. وهذا لا يحلّ المشكلة ، بل يزيد من حدّتها ، ذلك أن من الممكن أن يعمموا إشكالهم على جميع الأنبياء.
__________________
(١) من أجل توضيح أكثر في مسألة الاختبارات الإلهية ، والغاية من هذه الاختبارات وسائر أبعاد ذلك ، بحثنا ذلك بشكل مفصّل في ذيل الآية (٥٥) من سورة البقرة.