ففعل ذلك عقبة وارتدّ ، وأخذ رحم دابة فألقاها بين كتفيه ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا ألقاك خارجا من مكّة إلّا علوت رأسك بالسيف ، فضرب عنقه يوم بدر صبرا ، وأمّا أبي بن خلف فقتله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم أحد بيده في المبارزة».
وقال الضحاك : لما بزق عقبة في وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عاد بزاقه في وجهه ، فأحرق خديه ، وكان أثر ذلك فيه حتى مات.
وقيل نزلت في كل كافر أو ظالم تبع غيره في الكفر أو الظلم وترك متابعة أمر الله تعالى. (١)
نزلت الآيات أعلاه لترسم صورة مصير الرجل الذي يبتلى بخليل ضال ، ويجره إلى الضلال.
وقلنا مرارا أنّ سبب النّزول وإن يكن خاصّا ، إلّا أنّه لا يقيد مفهوم الآيات أبدا ، وعمومية المفهوم تشمل جميع المصاديق.
* * *
التّفسير
أضلني صديق السوء
يوم القيامة له مشاهد عجيبة ، حيث ورد بعض منها في الآيات السابقة ، وفي هذه الآيات اشارة الى قسم آخر منها ، وهي مسألة حسرة الظالمين البالغة على ماضيهم ، يقول تعالى أوّلا : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (٢).
«يعضّ» من مادة «عضّ» (على وزن سدّ) بمعنى الأزم بالأسنان ، ويستخدم
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ١٦٦.
(٢) جملة (يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ...) عطف على «يوم يرون» التي مضت قبل عدّة آيات ، بعض يعتبرها أيضا متعلقة بجملة مقدرة «اذكر».