منه.
ولكن القرآن في تتمة نفس هذه الآية يجيبهم : (كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً). وقد غفل أولئك السطحيون عن هذه الحقيقة ، فلا شك أن نزول القرآن التدريجي له ارتباط وثيق بتثبيت قلب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين ، وسيأتي بحث مفصل عن ذلك في نهاية هذه الآيات.
ثمّ للتأكيد أكثر على هذا الجواب يقول تعالى : (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً). أي أنّهم لا يأتون بمثل أو مقولة أو بحث لاضعاف دعوتك ومقابلتها ، إلّا آتيناك بكلام حقّ يقمع كلماتهم الجوفاء وأدلتهم الخاوية بأحسن بيان وأفضل تفسير.
وبما أنّ هؤلاء الأعداء الحاقدين استنتجوا ـ بعد مجموعة من إشكالاتهم ـ أن محمّدا وأصحابه مع صفاتهم هذه وكتابهم هذا وبرامجهم هذه شرّ خلق الله (العياذ بالله) ، ولأنّ ذكر هذا القول لا يتناسب مع فصاحة وبلاغة القرآن ، فإنّ الله سبحانه يتناول الإجابة على هذا القول في الآية الأخيرة مورد البحث دون أن ينقل أصل قولهم ، يقول :
(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً).
نعم ، تتضح هناك نتيجة منهاهج حياة الناس ، فريق لهم قامات منتصبة كشجر السرور ، ووجوه منيرة كالقمر ، وخطوات واسعة ، يتوجهون بسرعة إلى الجنّة ، في مقابل فريق مطأطئي رؤوسهم إلى الأرض ، تسحبهم ملائكة العذاب إلى جهنّم ، هذا المصير المختلف يكشف عمن كان ضالا وشقيا! ومن كان مهتديا وسعيدا؟!
* * *
بحوث
١ ـ تفسير (جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا).
يفهم من هذه الجملة ـ أحيانا ـ أن الله من أجل مواساة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : لست