أو أنّه فاقد للعلم ولكنّه يسمع قول العلماء ، فيكون مصداقا لـ «يسمعون» ، لكن هذه الفئة لا من أولئك ولا من هؤلاء ، وعلى هذا فلا فرق بينهم وبين الانعام.
وواضح أنّه لا يتوقع من الأنعام غير الصياح والرفس والأفعال اللامنطقية. بل هم أتعس من الأنعام وأعجز ، إذ أن الأنعام لا تعقل ولا فكر لها ، وهؤلاء لهم عقل وفكر ، وتسافلوا إلى حال كهذه.
المهم هو أنّ القرآن يعبّر بـ «أكثرهم» هنا أيضا ، فلا يعمم هذا الحكم على الجميع ، لأنّه قد يكون بينهم أفراد مخدوعون واقعا ، وحينما يواجهون الحق تنكشف عن أعينهم الحجب تدريجيا ، فيتقبلوا الحق ، وهذا نفسه دليل على أن القرآن يراعي الإنصاف في المباحث القرآنية.
* * *
بحثان
١ ـ اتباع الهوى وعواقبه الأليمة
لا شك أنّ في كيان الإنسان غرائز وميولا مختلفة ، وجميعها ضروري لإدامة حياته ، الغيظ والغضب ، حب النفس ، حب المال والحياة المادية ، وأمثالها ، ولا شك أنّ مبدع الوجود خلقها جميعا لذلك الهدف التكاملي.
لكن المهم هو أنّها تتجاوز حدها أحيانا ، وتخرج عن مجالها ، وتتمرّد على كونها أداة طيعة بيد العقل ، وتصرّ على العصيان والطغيان ، فتسجن العقل ، وتتحكم بكل وجود الإنسان ، وتأخذ زمام اختياره بيدها.
هذا هو ما يعبرون عنه بـ «اتباع الهوى» الذي هو أخطر أنواع عبادة الأصنام ، بل إن عبادة الأصنام تنشأ عنه أيضا ، فليس عبثا أن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم اعتبر صنم «الهوى» أعظم وأسوأ الأصنام ، لذا قال : «ما تحت ظل السماء من إله يعبد