(بلعم بن باعورا) سقطوا من قمة العظمة الإنسانية إلى الهاوية ، نتيجة انقيادهم لهوى النفس ، حيث يمثلهم القرآن بالكلب النجس الذي لا ينفك عن النباح (الآية ١٧٦ سورة الأعراف).
لهذا فلا عجب أن يقول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين عليهالسلام : «إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان ، اتباع الهوى وطول الأمل ، أمّا اتباع الهوى فيصدّ عن الحق ، وأمّا طول الأمل فينسي الآخرة». (١)
وردت أيضا في النقطة المقابلة ـ يعني ترك أتباع الهوى ـ آيات وروايات توضح عمق هذه المسألة من وجهة نظر الإسلام ، إلى حد أن يعدّ مفتاح الجنّة الخوف من الله ، ومجاهدة النفس : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى). (٢)
يقول علي عليهالسلام : «أشجع الناس من غلب هواه». (٣)
وقد نقلت قصص كثيرة في حالات محبي الحق وأولياء الله ، والعلماء والعظماء ، حيث نالوا المقامات العالية نتيجة ترك أتباع الهوى ، هذه المقامات لم تكن ممكنة بالطرق العادية.
٢ ـ لماذا أضلّ من الأنعام!؟
لتجسيد أهمية الموضوع في الآيات أعلاه ، يبيّن القرآن أوّلا : أن الذين اتّخذوا أهواءهم آلهة يعبدونها هم كالأنعام ، وبعد ذلك يضيف مشددا : بل هم أضل! نظير هذا التعبير ورد أيضا في الآية (١٧٢) من سورة الأعراف في أهل النار الذين يؤولون إلى هذا المصير نتيجة عدم الاستفادة من السمع والبصر والعقل ،
__________________
(١) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٧٢٨ (ذيل مادة هوى) ونهج البلاغة ، الخطبة ٢٨ و ٤٢.
(٢) سورة النازعات ، الآية ٤٠.
(٣) سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٦٨٩ (مادة شجع).